اتفاق وشيك على "الانتظام المالي": 18 مليار دولار كلفة أول 100 ألف دولار

اتفاق وشيك على "الانتظام المالي": 18 مليار دولار كلفة أول 100 ألف دولار -- Dec 24 , 2025 27

انتهت جلسة مجلس الوزراء الثانية المخصّصة لدرس مشروع «قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع»، إلى جلسة ثالثة تعقد الجمعة المقبل. الجلسة الماراتونية التي امتدّت من العاشرة صباحاً إلى السابعة مساء مع 40 دقيقة استراحة، حضر القسم الأول منها حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ليقدّم الأساس المالي للمشروع والأرقام التي بٌني عليها، قبل أن يغادر نظراً لارتباطات تتعلّق بسفره إلى الخارج، ما أثار استياء عدد من الوزراء.

وطرح في الجلسة الكثير من الأسئلة المتعلّقة بالدفعات الشهرية للمودعين وبعملة التدقيق في أصول مصرف لبنان والمصارف ورسملتها بالإضافة إلى التسديد النقدي للمودعين وغيره. وتركّزت النقاشات حول أربع مواد من مشروع القانون، لا سيّما تلك المتعلّقة بإجراءات تحديد وتوزيع الخسائر وإعادة رسملة المصارف، وإجراءات تحديد الأصول غير المنتظمة وتنقيتها.

رغم ذلك، كانت النقاشات تخرج عن إطار المادة التي تدور حولها الأسئلة والأجوبة، ولا سيّما عندما كان الحاكم حاضراً. فقد تبيّن من الأرقام التي قدّمها بأنّ مجموع الحسابات في القطاع والتي ستخضع لهذا القانون يصل عددها إلى 900 ألف، من بينها 520 ألفاً لمودعين لديهم في حساباتهم مبالغ لغاية 100 ألف دولار بما مجموعه 14.8 مليار دولار، ومن بينها 1118 حساباً تصل الى 15 مليار دولار أيضاً، ضمن شريحة الذين لديهم إلى غاية 5 مليون دولار.

وقال الحاكم إنه بموجب المشروع المطروح سيتمّ تسديد أكثر من 4 مليارات دولار سنوياً للمودعين على أربع سنوات (قد يصل المبلغ إلى 4.5 مليار). ولم تتّضح الحسابات النهائية التي ستتوجّب على كل المودعين إذا احتسب القانون إعطاء كل المودعين بشكل متساوٍ أول 100 ألف دولار في حساباتهم، لكن يقدّر أنّ المبلغ قد يصل إلى 18 مليار دولار.

النقاش في المسائل المتعلّقة بالمودعين كان كبيراً، إذ كانت هناك أسئلة على النحو الآتي: هل سيحصل المودعون الذين سحبوا أموالاً نقدية في السنوات السابقة، أو الذين حصلوا على مبالغ نقدية بموجب تعاميم مصرف لبنان، على الـ100 ألف دولار كاملة؟ ما هي حصّة المصارف من هذا التسديد؟

هل ستحتسب المبالغ الموجودة في حساب السيولة لدى مصرف لبنان (تسمّى خطأ احتياطات إلزامية وهي بموجب التعاميم تسمّى توظيفات إلزامية بالعملة الأجنبية) من ضمن حصّة مصرف لبنان، في تسديد أول 100 ألف دولار أم من ضمن حصّة المصارف؟ مَن سيحدّد نسب الرسملة الأدنى التي سيتوجّب على المصارف ضخّها للعودة إلى الحياة؟ هل سيسدّد إلى المودعين مبلغ 25 ألف دولار سنوياً بمعدّل شهري يصل إلى 2000 دولار، أم سيقلّ أو يزيد عن ذلك؟هل ستدفع المبالغ إلى المودعين بواسطة البطاقات والحوالات ويمنع عليهم سحبها نقداً؟

ثمّة بعض الإجابات التي اتّفق عليها في مجلس الوزراء «رغم البرازيت الصادر عن أحد الوزراء» وفق مصدر وزاري، أكد «أننا اتفقنا على أنّ الحدّ الأدنى الشهري يجب أن يكون 1500 دولار شهرياً لكن هذه المادة لم تناقش بشكل كامل. كان هناك إجماع على هذه المسألة إلا أنها لم تقرّ، ولم نتوصل إلى اتفاق على مسألة احتساب السحوبات السابقة ضمن الـ100 ألف دولار التي ستدفع للمودع، ومصرف لبنان هو من سيمارس دوره كناظم للقطاع المصرفي بعد إجراء عملية التدقيق، وبالتالي هو مَن سيحدّد الرساميل المطلوبة لكل مصرف وسيتعامل مع كل حال على حدة (يردّد الحاكم في أكثر من اجتماع أنّ مستوى رأس المال الأدنى المطلوب هو 100 مليون دولار لكل مصرف)، لا سيّما أنّ بعض المصارف سيكون لديها بعد عملية التدقيق في الأصول وتسجيل الخسائر رساميل سلبية يتوجّب عليها تغطيتها ثم إعادة الرسملة بمقدّمات نقدية، وثمّة مصارف أخرى قد يكون لديها بعض الفائض في الرساميل بعد عملية التدقيق ما سيفرض على مصرف لبنان أن يضعها في الشطر الثاني من الرساميل وضخّ مقدّمات نقدية في الشطر الأول. أمّا بالنسبة إلى آلية التسديد المتاحة، فهي حتماً ستكون ضمن القطاع المصرفي وليس ضمن الآليات النقدية، أي أنّ مصرف لبنان لن يوافق على ضخّ 4.5 مليار دولار سنوياً بشكل نقدي بينما هناك ضغوطات غربية على لبنان لمكافحة اقتصاد الكاش، لكن سيكون بإمكان كل مودع أن يسحب عبر الصراف الآلي وضمن سقوفات المصارف اليومية والشهرية مبلغاً نقدياً.

أمّا الأسئلة التي كانت في الأساس مثارة من المصرفيين، مثل مسألة احتساب الاحتياط الإلزامي من ضمن حصّتهم في التسديد، فقد تلقّت ردّاً واضحاً، وهو أنّ المبالغ التي تدفع من الاحتياط الإلزامي للمودعين ستكون من حصّة المودعين ولن تحتسب من ضمن حصّة مصرف لبنان أو المصارف، وبالتالي إذا كان المبلغ المتوجّب سداده 18 مليار دولار، فإنّ الـ8 مليارات دولار الموجودة اليوم لدى مصرف لبنان ستكون من حصّة المودعين (تدفع على سنوات طبعاً لأنّ المصرف المركزي يحتاج أن تكون لديه سيولة بالعملة الأجنبية) والباقي، وهو 10 مليارات دولار، سيحتسب على أساس 40% تدفعها المصارف و60% يدفعها مصرف لبنان.

وقالت المصادر إنّ المسألة المتعلّقة بتوضيح حصّة الدولة المنصوص عنها في مشروع القانون والمرتبطة حصراً بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف «سيتمّ العمل على توضيحها»، لا سيّما أنّ حاكم مصرف لبنان يطالب بذلك بشكل واضح، وسبق أن أثار الأمر في الجلسة التي عقدت أول من أمس، مشيراً إلى أنّ لمصرف لبنان ديوناً على الدولة «لا تقتصر على مبلغ الـ16.5 مليار دولار الذي ترفض وزارة المال الاعتراف به (تستند على أنه لم تصدر قوانين تسمح بهذا الاقتراض بالعملة الأجنبية)، بل يضاف إليها 8 مليارات دولار هي المبالغ التي أنفقها مصرف لبنان على الدعم.

وبالتالي فإنّ المبالغ التي تدين بها الدولة لمصرف لبنان، هي 24.5 مليار دولار يجب تسجيلها في ميزانية مصرف لبنان في خانة الأصول والاتفاق على كيفية التعامل معها سواء عن طريق إصدار سندات دائمة بفائدة متدنّية مقابلها أو آليات آخرى لسدادها.

وتشير المصادر إلى أنه لم يتّفق على هذا الأمر بعد وإن أخذ حيّزاً من النقاش. ولم يتّفق أيضاً على مسألة أساسية أثارتها المصارف خارج جدران مجلس الوزراء، وهي مسألة الملاحقات القضائية التي يشير إليها مشروع القانون باعتبارها أمراً قابلاً للاستمرار حتى بعد تحديد الخسائر.

1115 مليون دولار
هي قيمة المبالغ التي تدفعها المصارف الآن للمودعين بموجب حصّتها المنصوص عنها في تعاميم مصرف لبنان. وبحسب أحد الوزراء فإنه لن يتوجّب عليها أكثر بكثير من هذا المبلغ لتسديد حصّتها بموجب القانون المطروح.

محمد وهبة - الاخبار

أقرأ أيضاَ

كركي: 185 مليار ليرة للمستشفيات والأطبّاء

أقرأ أيضاَ

نقل معاكس للثروة: استعادة 30% من القروض المسددة بالليرة